كوفيد19 يسرع التحول نحو عصر جديد من “العمل الخيري الاستراتيجي

فوربس الشرق الأوسط /  24 نوفمبر2020 

 أدت الاستجابة لوباء كوفيد-19 إلى تسريع التحول المهم إلى عصر جديد من “العمل الخيري الاستراتيجي الجماعي” لمواجهة التحديات التي تواجه التنمية المستدامة بشكل أفضل. 

دور الأعمال الخيرية 

وفي الدول العربية، يمثل هذا إعادة تحديد دور الأعمال الخيرية من استخدام الطرق المعروفة للعطاء قصير الأجل، مثل مشاريع البنية التحتية والتبرعات المباشرة، إلى الاستثمار في الحلول المستدامة ذات الآثار واسعة النطاق. حيث يتعلق الأمر بمعالجة الأسباب الجذرية لتحديات اليوم من خلال التفكير في الحلول واتخاذ الإجراءات الاستراتيجية والتعاونية. 

ركزت الأجيال السابقة من أصحاب الأعمال الخيرية في المقام الأول على العطاء الخيري. وفي المنطقة العربية، عادة ما يتبرعون بالأموال بشكل خاص، بنزاهة متواضعة تتحدث عن معتقداتهم بالمسؤولية المدنية والدينية. وفي مناطق أخرى، لا يزال العطاء على نطاق واسع امتدادًا للعلاقات العامة للشركات، مما يميزها عن منافسيها. 

لقد كانت جهود الأجيال السابقة مفيدة في تحسين نوعية الحياة للملايين في جميع أنحاء العالم. ولكن في عالمنا المعولم بشكل متزايد، من الجدير بالذكر أن العطاء الخيري المباشر محدود أكثر في نتائجه المحتملة. 

أظهرت الجهود التي تُبذل بشكل فردي أو التي تحركها الجهات المانحة وحدها، أن لها تأثيرات منتشرة وغير مركزة نحو جهة معينة. هذا يضحي بفرص وجود قوة دافعة موجهة لإحداث تغيير دائم. 

عصر جديد من العمل الخيري 

إلا إننا نشهد عصر جديد من العمل الخيري الاستراتيجي الجماعي يظهر في جميع أنحاء العالم. حيث يطلب من القطاعين العام والخاص الوصول لحلول مترابطة وعالية التأثير وتنفيذها وتمويلها بشكل تعاوني لخلق مستقبل أفضل وأكثر استدامة للجميع. تعمل مبادرات مثل الصندوق العالمي للعمل الخيري الإسلامي للأطفال على تحفيز الجهود لمعالجة المشاكل التي لا يمكن لشخص واحد حلها بمفرده. 

ولسنوات، قام المحسنون بإضفاء الطابع المؤسسي على عطائهم وتنفيذ جهودهم بشكل فعال. وهذا يسمح لهم بأن يصبحوا فاعلين معترف بهم عالميًا في قطاع التنمية، من بين أمور أخرى. فيما يتم تنظيم مؤتمرات وفعاليات أكاديمية كاملة مثل فعاليات العمل الخيري وأهداف التنمية المستدامة، التي تستضيفها الأمم المتحدة حول كيفية تكييف النماذج الحالية لتشمل الشراكات مع المنظمات الخيرية بشكل أفضل. وتتمثل الفكرة في إحداث التأثير من خلال العمل الجماعي والتخطيط الاستراتيجي عبر القطاعات والمجالات ذات الأولوية. 

يحتل العمل الخيري موقعًا رئيسيًا في هذا النظام الجديد، حيث يتميز بكونه أكثر مرونة وابتكارًا. علاوة على ذلك، يتطلب العمل الخيري شروطًا معينة للنجاح وإفادة جميع الجهات المعنية. ويحتاج الأمر إلى الاستناد على بيانات من أجل الشفافية واتخاذ القرارات المستنيرة، والتكنولوجيا للربط بين المانحين والمتلقين، وبناء القدرات للمساعدة في استخدام الموارد الحالية بشكل أفضل، والتنسيق الفعال بين المانحين، والمساءلة المهنية التي تبني الثقة بين أصحاب المصلحة. 

إذن، ماذا يعني هذا بالنسبة للقطاع الخيري المزدهر في المنطقة العربية مع دخوله حقبة جديدة من العمل الخيري الاستراتيجي الجماعي؟ إن توجهك لخلق تأثير مستدام يتطلب من فاعلي الخير العرب أن يتكيفوا وأن يصبحوا أكثر صراحة ووضوحًا حول ثقافة العطاء المشتركة في المنطقة. حيث يتطلب الأمر مشاركة الجهات الفاعلة ذات التفكير المتشابه عبر مختلف القطاعات لتحقيق تقدم مستدام من خلال دعم الحلول المحلية. وسيؤدي هذا بدوره إلى إدراك المنطقة بأن الجهات الفاعلة في الدول العربية هي المساهم الرئيسي في تقدم المنطقة. 

تأثير كوفيد-19 

وخلال الوباء، تم تعزيز وصقل المبادئ والممارسات التوجيهية للعمل الخيري، حيث تم دفعها لتبني مزيد من الابتكار لتكون فعالة في الواقع العالمي الجديد. وخلال هذه الأوقات العصيبة، يؤدي الابتكار الرقمي دورًا رئيسيًا، فيما أصبح التعلم عبر الإنترنت هو الحل الجديد للتعليم، وأصبح العمل عن بُعد ضروريًا، وظهرت مهن ووظائف جديدة، مما دفع نحو التخلي عن بعض طرق العمل التقليدية القديمة. هذه هي التغييرات التي ينبغي تبنيها ودراستها ودمجها في نماذج أكثر فعالية للبرامج الخيرية وتقديم الأموال. 

يلعب العمل الخيري الاستراتيجي الجماعي دورًا رئيسيًا في واقع ما بعد كوفيد-19 المقبل. وسيقود هذه الحقبة الجديدة أولئك الذين يتبنون ويعملون على تعزيز أطر عمل مبتكرة ومرنة للعمل والتعلم والتحسين المستمر. 

 

 

Read more

الأعمال الخيرية العربية: من الاكتفاء بالتبرع المادي إلى السعي لتحقيق منفعة حقيقية

 تتضاعف الدعوات للحصول على مزيد من الأموال لخدمة أولئك الذين يواجهون مخاطر صحية واقتصادية متفاقمة في المنطقة العربية بسبب هجوم كوفيد-19 شهريًا منذ تفشي الوباء في مارس/آذار من هذا العام. 

طلبت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في مناشدتها لمكافحة فيروس كورونا، 94.6 مليون دولار هذا العام فقط لمواصلة الاستجابة للاحتياجات الطارئة لـ 5.6 مليون لاجئ فلسطيني مسجل في الشرق الأوسط. ستنفق الأموال على الرعاية الصحية والمساعدة النقدية المباشرة والتعليم. 

وفقًا لليونيسف، وقع 150 مليون طفل إضافي في براثن الفقر بسبب كوفيد-19، مما رفع العدد الإجمالي إلى ما يقدر بنحو 1.2 مليار. 

لقد تم سحب العائلات التي كانت على أعتاب الهروب من الفقر مرة أخرى، بينما يعاني الآخرون من مستويات متعددة الأبعاد من الحرمان لم يشهدوها من قبل. وقالت المديرة التنفيذية لليونيسف، هنريتا فور، إن الأمر الأكثر إثارة للقلق، نحن أقرب إلى بداية هذه الأزمة من نهايتها. 

في مثل هذا السيناريو القاتم، ليس من المستغرب أن يتضاعف عدد النداءات للحصول على الأموال بمعدل ينذر بالخطر، حيث تكافح الحكومات في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل لضمان تلبية الاحتياجات الأساسية لسكانها على الأقل. 

منفعة قابلة للقياس 

في خضم هذه الأزمة، من المثير للاهتمام ملاحظة أن المانحين في المنطقة العربية، وعلى مستوى العالم أيضًا، ينظرون إلى تبرعاتهم بطريقة مختلفة تمامًا. هناك تحول جذري بعيدًا عن مجرد التبرع بالمال وحساب النجاح بناءً على القيمة الدولارية التي يتم جمعها والتبرع بها، إلى عقلية تركز على النتائج. 

الاهتمام المتزايد بالنتائج، أمر بالغ الأهمية مع تطور قطاع التنمية بمرور الوقت. لم يعد تسليم السلع أو الخدمات هو المقياس الذي يقاس به النجاح؛ بل يتعلق الأمر أكثر فأكثر بـ “المنفعة القابلة للقياس“. 

في التعليم، سيعني هذا أن توفير التدريب لمجموعة من الناس ليس كافياً بالنسبة إلى المانحين. يجب أن يوفر التدريب رفع المهارات للمستفيدين وتمهيد الطريق لهم للوصول إلى فرص أفضل وتحقيق مستويات عالية من المعيشة. بعبارة أخرى، لسنا بحاجة لمزيد من الشباب الذين يحصلون على “شهادة إتمام” لدورة لا تمنحهم فرصة أفضل للحصول على وظيفة. 

يمكن القول إن هذا التحول العالمي نحو “العطاء المسؤول” أكثر وضوحًا بين فاعلي الخير العرب والشباب العرب بشكل عام. يتم العمل به من خلال مبادرات مثل مركز الأعمال الخيرية الإستراتيجية المدعوم من الخليج في كلية كامبردج جودج للأعمال، والصندوق العالمي الإسلامي الخيري، والفنار، وهو أول مشروع خيري في المنطقة العربية. هذه أمثلة على المبادرات التي توضح الطرق الجديدة التي يستخدمها العمل الخيري العربي في جمع الأموال لتحقيق نتائج أفضل للفئات الضعيفة من السكان. بعبارة أخرى، تعتبر التبرعات النقدية آلية غير كافية عندما يتعلق الأمر بطريقة العطاء الجديدة في المنطقة العربية. 

من المثير للاهتمام، أننا نشهد الآن تقديم منح تعليمية بناءً على عملية اختيار تنافسية فقط بين المنظمات التي تعمل بشكل مباشر مع الأطفال والشباب اللاجئين والمتأثرين بالنزاع، في الإمارات العربية المتحدة ولبنان والأردن. بالإضافة إلى ذلك، يقوم المحسنون بتضمين نهج تمويل مدفوع بالتأثير في نموذج اتفاقية الشراكة الخاصة بهم. 

المساءلة المهنيّة 

الجزء الأكثر بروزًا في هذا النهج الجديد هو إضافة المساءلة المهنية ضمن نموذج الشراكة الإستراتيجية الذي سهل عملية الاستجابات السريعة اللازمة للمشغلين للاستجابة للحالات العاجلة. نتيجة هذا النهج هو حصول الشباب العربي اللاجئ والضعيف على فرص تعليمية تساعدهم على اكتساب مهارات حتى أثناء الوباء. 

بشكل عام، يحتاج العطاء الخيري في العالم العربي إلى تحديد ماهية النجاح في المناهج والبروتوكولات والإجراءات التي تؤدي إلى اتصال قائم على النتائج بين المانحين وشركاء البرنامج. بعبارة أخرى، يجب على المؤسسات إنشاء منصة لمشاركة المعرفة وتصميم حلول سريعة الاستجابة. إذا كانوا يعتقدون أن أفضل النتائج هي تحسين سبل عيش الآلاف من المستفيدين، فإنهم يحتاجون إلى الابتكار معًا لإحداث تأثير قابل للقياس على حياة هؤلاء الأفراد الضعفاء. 

  

Read more

التعليم المهني يواجه تحديات جديدة نتيجة التحول للتعليم الإلكتروني

Al Fanar – 13 Oct 2020  

تعرض التعليم المهني لخطر الفشل في تلبية متطلبات السوق من خلال تخريج المئات من الشباب دون مهارات مناسبة فعلياً. تظهر الصورة أعلاه هداية صيام وزملاؤها الطلاب في فصل دراسي عبر الإنترنت 

تسبب التحول نحو التعليم عبر الإنترنت، الذي فرضته عمليات إغلاق كوفيد-19 على الجامعات والمدارس، إلى خلق مجموعة جديدة من التحديات للتعليم المهني في المنطقة العربية. إذ يساهم النقص في الوصول إلى الأجهزة الرقمية، وضعف الاتصال بالإنترنت والفجوة الرقمية المتّسعة في تخلف بعض الطلاب عن الركب. 

تعتمد العديد من التخصصات الفنية والمهنية على العروض التوضيحية العملية التي يصعب ترجمتها إلى بيئة رقمية، وتجذب البرامج في العادة الطلاب من خلفيات منخفضة الدخل ممّن تقل احتمالية وصولهم إلى الأجهزة الرقمية. 

مع ارتفاع عدد حالات كوفيد-19 وعدم قدرة العديد من الطلاب على الالتحاق بفصول دراسية تقليدية، يتزايد القلق من أن هؤلاء الشباب، الذين يعيش الكثير منهم بالفعل في بيئات صعبة، سيعانون من تأثير دائم على تعليمهم. 

قالت سونيا بن جعفر، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة عبد الله الغرير للتعليم، التي تقدم منحًا دراسية وتدريبًا على المهارات للطلاب المحرومين في الإمارات العربية المتحدة ولبنان والأردن، “هناك حاجة كبيرة لبناء المهارات الرقمية بين الفئات الأكثر ضعفًا.” 

وأضافت”ما كشفته أزمة كوفيد يتمثل في زيادة الفجوة الرقمية بين الجنسين (والتي) تؤثر سلبًا على الفجوات بين الجنسين في التعليم والعنف وزيادة مخاطر تسرب الإناث من الدراسة. ونتيجة ذلك تخلف الفتيات عن الركب بسبب ما تمليه الأعراف الثقافية في حصر التعلم الإلكتروني في نطاق الذكور.” (اقرأ المقال ذو الصلةفي اليوم العالمي للاجئين: التعليم أولوية لا يمكن إهمالها) 

استجابة لذلك، مكّنت مؤسسة عبد الله الغرير الجهات المستفيدة من إعادة تخصيص الأموال وشراء أجهزة الكمبيوتر المحمولة وحزم البيانات للطلاب لمواصلة تعليمهم خلال الوباء. 

قالت دانا الدجاني، , مديرة شراكات العطاء بالمؤسسة، “علمنا واقع كوفيد-19 الجديد إعادة التأكيد على أهمية أن تكون مانحًا مرنًا … وتزويد المستفيدين من المنح بفرصة الإبداع في استكشاف الحلول 

عدم الثقة في التعلم عبر الإنترنت 

لكن هذا لم يكن سهلاً؛ فعلى الرغم من الجهود الأخيرة لإنشاء فصول دراسية افتراضية فعالة استجابة لجائحة كوفيد-19، لا يزال التعلم الإلكتروني بعيدًا عن السائد في العديد من المدارس في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. 

وجدت دراسة استقصائية شملت 1,000 طالب جامعي عربيأجرتها مؤسسة عبد الله الغرير بين تشرين الأول/ أكتوبر 2018 وكانون الثاني/ يناير 2019 أنه بينما كان العديد من الطلاب على استعداد لاستكمال دراساتهم بدورات عبر الإنترنت، “لا يزال لدى الشباب العربي مفاهيم خاطئة حول التعلم عبر الإنترنت، والتي يبدو أنها تحصر انفتاحهم في السعي للحصول على درجات تقليدية.” 

يبدو هذا التردد قويًا بين طلاب المدارس المهنية والتقنية على وجه الخصوص. 

في السودان، يعتقد حمدان محمد، الطالب في قسم هندسة الاتصالات في كلية الجزيرة التقنية بالخرطوم، أن طريقة التدريس عبر الإنترنت قد خذلت الفئات الأكثر ضعفًا في مجتمعه. قال “لن نستفيد. الإنترنت ضعيف في السودان وليس للطلاب الوسائل لتحملها.” والأسوأ من ذلك، تم فرض رسوم إضافية على الدورات التدريبية عبر الإنترنت. قال “قررتُ التوقف عن الدراسة هذا العام لأنني بحاجة إلى كسب المال.” 

على صعيدٍ آخر، يكافح آخرون للمشاركة في الدروس الإلكترونية. ففي مصر، يحاول أحمد سعيد، البالغ من العمر 19 عامًا، المواظبة في سنته الأولى في مساق الميكاترونيك في جامعة بني سويف للتكنولوجيا من منزله في الإسكندرية، لكنه يقول إن التدريس عبر الإنترنت ليس بديلاً عن التدريب داخل الفصل. قال “أنا خريج مدرسة ثانوية تقنية ولا أحب الدراسة النظرية. لا أشعر أنني استوعبت الدروس جيدًا … لكن لم يكن لدينا خيارٌ آخر.” 

حتى الطلاب الذين ينجحون في إكمال برنامج عبر الإنترنت قد يواجهون الإحباط عندما يبدأون وظائف جديدة من المنزل. 

بعد أسبوعين من توليه منصبه الجديد كمهندس برمجيات في إحدى شركات خدمات تكنولوجيا المعلومات في الأردن، أصبح أسامة موسى على دراية بمتطلبات وظيفته، لكنه يفتقد ضجيج المكتب. قال الشاب البالغ من العمر 25 عامًا، “أحب أن أكون في بيئة يمكنني فيها الاختلاط بالأصدقاء والاستمتاع بعملي. أفضل إثبات نفسي في المكتب، لكنهم أخبرونا أنه للبقاء آمنين علينا العمل من المنزل

يشارك الطلاب في فصل دراسي في كلية لومينوس ضمن نظام التعلم المدمج. (الصورة: كلية لومينوس الجامعية التقنية)

 لكن موسى في وضع أفضل من غيره. عندما ضربت جائحة فيروس كورونا الأردن، مما أسفر عن فرض واحدة من أكثر عمليات الإغلاق صرامة في العالم في منتصف شهر آذار/ مارس، كان الشاب بالفعل في منتصف مساره الدراسي في قسم عبد العزيز الغرير للحوسبة المتقدمة، وهي جزء من كلية لومينوس الجامعية التقنية في عمان. اعتمدت الكلية الفصول الافتراضية، حيث قدمت 170 جهاز كمبيوتر محمولًا للطلاب حتى يتمكنوا من متابعة دراستهم عبر الإنترنت. قال، “كان الأمر صعبًا في البداية ولكن بعد ذلك تعلمنا كيفية التواصل وطرح الأسئلة افتراضيًا.” 

الوصول للمزيدٍ من الطلاب 

حتى المؤسسات التي كانت تدير نموذج التعلم المدمج قبل الوباء وجدت التحول المفاجئ عبر الإنترنت معطِلاً. تتذكر زينة صعب، المؤسسة المشاركة لـ SE Factory، التي تدير معسكرات تدريب على الترميز للاجئين والشباب المحرومين في لبنان، محادثة مع زملائها في أوائل آذار/ مارس، عندما بدأ عبء كوفيد-19 المتزايد في إحداث تأثير عميق على الحياة اليومية. 

قالت “كنا قلقين حقًا. … احتاج الكثير من هؤلاء الطلاب إلى التواجد في الفصل بصورة شخصية. كان السؤال يتعلق بكيفية جعل هذه التجربة صالحة حقًا والحفاظ على جودة الدورة، حتى لو تم تقديمها عبر الإنترنت.” 

في البداية، ارتفع معدل التسرب بسبب انقطاع التيار الكهربائي وضعف الاتصال بالإنترنت مما أدى إلى انقطاع الفصول الدراسية وكافح المعلمون للحفاظ على مشاركة الطلاب أثناء تسجيلهم الدخول من منازل كانت مزدحمة وصاخبة في الغالبز 

تقول صعب إنها كانت فترة مرهقة، لكن خلال الأشهر القليلة الماضية، أصبح من الواضح أن للتعلم عبر الإنترنت بعض الفوائد أيضًا، مثل السماح للمؤسسة بالوصول إلى المزيد من الطلاب في المناطق النائية وتقليل تكاليف الإيجار والنقل ووجبات الطعام. كما ساعدت الأدوات التفاعلية عبر الإنترنت مثل Miro، وهو برنامج تعاون مرئي يسهل جلسات العصف الذهني وورش العمل، في الحفاظ على تفاعل الطلاب، بينما عززت دروس اللغة الإنجليزية قدرتهم على التنقل في الفضاء الرقمي. 

كما أنه ساعد في تغيير المواقف تجاه التعليم عبر الإنترنت. قالت صعب “لقد تم التحقق من صحة التعلم عن بعد، وحتى العمل عن بعد. لم تكن هذه ثقافة مقبولة من قبل الناس علنًا حتى قبل انتشار كوفيد في لبنان.” في المستقبل، تشعر أن نموذج التعلم المدمج سيكون الأفضل. قالت، “التعليم الإلكتروني لوحده لن ينجح. حتى مع انتشار الوباء، فإن الناس غير مستعدين بعد للاتصال بالإنترنت بشكل كامل. يجب أن يتم دمج الأمرين معًا.” 

 سونيا بن جعفرالرئيسة التنفيذية لمؤسسة عبد الله الغرير للتعليم أجبرت أزمة كوفيد الناس على الإسراع في استخدام الإنترنت. لم تكن المقاومة خيارًا.” 

 لكن الوباء زرع بذور حقبة جديدة من التعليم في المنطقة، مما أدى إلى تسريع الاستيعاب الرقمي الذي طال انتظاره. قالت بن جعفر، من مؤسسة الغرير، “أجبرت أزمة كوفيد الناس على الإسراع في استخدام الإنترنت. لم تكن المقاومة خيارًا.” 

التكنولوجيا: الواقع الجديد 

يأتي هذا التحول في وقت تتزايد فيه الضغوط على وزارات التعليم العربية لتحديث نماذج التعلم القديمة وتحديث المناهج مع تطور أسواق العمل وتغير متطلبات الوظائف. وفقًا لتقرير نشرته مؤسسة الغرير، من المرجح أن تصبح 47 في المئة من أنشطة العمل في أكبر اقتصادات المنطقة مؤتمتة في السنوات القادمة، مما يتطلب مجموعات مهارات جديدة من شأنها تغيير طريقة عمل الناس. 

أفاد التقرير، الذي يحمل عنوان “التعلم عبر الإنترنت في العالم العربي: نموذج تعليمي بحاجة إلى الدعم، إذا لم تتم معالجة الأمر، فقد يتفاقم عدم استعداد الشباب العربي لسوق العمل على المدى المتوسط أو الطويل.” 
يواجه التعليم المهني – الذي يعدّ في العادة الطلاب العرب لوظائف منخفضة الأجر مثل النجارة والبناء والحياكة وأعمال الصالون – هذه المخاطر، ويحد من الفرص المتاحة للشباب ويفشل في تلبية متطلبات السوق من خلال إخراج مئات الخريجين لوظائف مشغولة بالفعل. 

قالت بن جعفر، “نحتاج إلى التأكد من أن جميع دورات التعليم والتدريب التقني والمهني (TVET) تتماشى مع متطلبات واحتياجات السوق، وضمان مشاركة القطاع الخاص منذ البداية.” وتضيف أنه بخلاف ذلك، تكون النتيجة عدم التوافق نفسه في المهارات بين العديد من معاهد التعليم العالي والقوى العاملة. 

يبدو أن المستقبل على الإنترنت بالتأكيد. قالت “التكنولوجيا هي الواقع الجديد. لا يمكنك الحصول على وظيفة وتحسين سبل العيش إذا لم يكن لديك محو أمية رقمية على الأقل.” 

يوجد حاليًا طلب كبير على المبرمجين في الإمارات، حيث يؤدي التركيز على التعلم النظري أكثر من التعلم العملي على المستوى الجامعي إلى ترك العديد من الخريجين غير مهيئين لقطاع الوظائف. وهذا يخلق فجوة تأمل مؤسسات مثل لومينوس، وهي إحدى الجهات المستفيدة من منح مؤسسة الغرير، في سدها. 

 
حصلت هداية صيام على دورة في مدرسة عبد العزيز الغرير للحوسبة المتقدمة في عمان بعد حصولها على شهادة جامعية لتعزيز فرص عملها. (الصورة: كلية لومينوس الجامعية التقنية)

قالت الدجاني “نشهد هذا الأمر مع الطلاب المتخرجين من دورات البرمجة وتطوير البرمجيات، الذين يحصلون على وظائف لم يكونوا قادرين على الوصول إليها سابقًا، وهم يحصلون عليها بسرعة كبيرة، حتى في ظل ظروف الوباء.” 

الاستعداد لسوق العمل 

منذ إعادة توجيه الأموال خلال الوباء، تمكن 150 طالبًا من أخذ دورات عبر الإنترنت في كلية عبد العزيز الغرير للحوسبة المتقدمة، في كلية لومينوس التقنية الجامعية، وتخرج 22 طالبًا حتى الآن. من بين هؤلاء، حصل 14 منهم على وظائف بدوام كامل في شركات مثل أمازون وبنك الاتحاد وبيت، وهي منصة رئيسية للوظائف في الشرق الأوسط، مع رواتب تبدأ من 1,000 دولار شهريًا، أي ما يقرب من أربعة إلى ستة أضعاف متوسط الأجر في الأردن. 

قبل شهر من إنهاء دراستها في كلية الحوسبة المتقدمة، كانت هداية صيام، 22 عامًا، قد حصلت بالفعل على وظيفة للقيام بعمل الترميز عن بعد لشركة في كندا. بعد تخرجها من جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية في وقت سابق من هذا العام، كانت قلقة بشأن آفاقها المستقبلية. قالت، “كانت لدي الكثير من المخاوف بشأن كيفية تمكّني من الحصول على وظيفة بعد الجامعة لأن جميع الجامعات في الأردن تركز على النظرية بدلاً من الدراسات العملية ولم أكن مستعدة للحصول على أي شيء في سوق العمل.” 

تقول صيام، وهي فلسطينية تعيش في مخيم جرش للاجئين شمال الأردن، إن الكثير من الشباب مثلها يكافحون للعثور على وظيفة، على الرغم من حصولهم على شهادات في قطاعات ذات الصلة. ولكن منذ أن شاركت في الدورة، أتقنت بعض المهارات الشخصية اللازمة لمكان العمل. قالت “بعد أن بدأت مع كلية عبد العزيز الغرير للحوسبة المتقدمة ASAC شعرت بأنني في وضع جيّد، وأن بإمكاني الذهاب إلى سوق العمل بثقة.” 

في البلدان الأكثر ثراءًا، أيضًا، تُبذل الجهود لتعزيز القطاع المهني وتزويد الطلاب بالمهارات العملية لعالم الوظائف المتغير. تقول حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة إن الدولة بحاجة لتخريج 10 إماراتيين من ذوي المهارات المهنية لكل خريج جامعي من أجل تحقيق هدفها المتمثل في خلق اقتصاد معرفي مستدام ومتنوع. مع التركيز على التقنيات والمواد والأنظمة الجديدة والناشئة، أصبح من الأولويات الوطنية الآن ضمان تزويد المواطنين الإماراتيين بالمهارات اللازمة لدفع اقتصاد المستقبل، بما يتجاوز النفط. 

Read more