17 ديسمبر 2020

مقالة مدونة بقلم كيفن واتكينز، الرئيس التنفيذي لمنظمة إنقاذ الطفل البريطانية والدكتورة سونيا بن جعفر، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة عبد الله الغرير للتعليم

في مثل هذا الوقت من العام الماضي، سرق التعليم الأضواء في المنتدى العالمي الأول للاجئين، حيث قٌدمت آلاف االتعهدات السياسية والمالية لمنح الأطفال اللاجئين الفرصة لدخول المدرسة والتعلم. وبعد مرور 12 شهرًا نواجه حالة طوارئ عالمية على صعيد التعليم ناجمة عن  جائحة فيروس كورونا المستجد، إلا أن الاستجابة الدولية لها كانت شبه محبطة، إذ تم تمويل 8.4% فقط أو ما يعادل 28.6 مليون دولار أمريكي من أصل مبلغ 342 مليون دولار كان من المفترض تأمينه لقطاع التعليم ضمن ﺧﻄﺔ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻟﻔﻴﺮوس ﻛﻮروﻧﺎ اﻟﻤﺴﺘﺠﺪ.[1]

ألقى عام 2020 بثقله على الأطفال، ففي شهر أبريل، فرضت أكثر من 170 دولة إغلاق المدارس الوطنية، ليتأثر بالتالي مليار طفل حول العالم بهذا القرار. وللمرة الأولى في تاريخ البشرية، يشهد قطاع التعليم اضطرابات تؤثر في جيل بأكمله في شتى أنحاء العالم.

واعتباراً من ديسمبر 2020،[2] ما زال  حوالي 200 مليون طفل في مرحلة ما قبل الابتدائي ومراحل التعليم العام بعيدين عن مقاعد الدراسة؛ وبحسب معرفتنا من أزمات سابقة، كلما طال الوقت الذي يمضيه الطفل خارج المدرسة، كان خطر عدم عودته إليها أكبر.

تعليم الأطفال اللاجئين يصبح صعب المنال يوماً بعد يوم بسبب الجائحة

تقول مايا، 14 عاماً، وهي من اللاجئين السوريين الذين يعيشون في الأردن: «أشتاق كثيراً إلى مدرستي لأنها بيتي الثاني، وأشتاق أيضاً إلى أساتذتي.» ومع ذلك، مايا من الأطفال المحظوظين الذين حصلوا على مقعد في المدرسة قبل الجائحة وتمكّنت من البقاء على تواصل عبر التعلم عبر الانترنت الذي تم تأمينه بفضل الحكومة وبفضل قدرة عائلتها على الوصول إلى جهاز لوحي.

وجد حوالى نصف الأطفال والشباب اللاجئين في سن  الدراسة، ويُقدّر عددهم بحوالى 3.7 مليون طالب، أنفسهم خارج المدرسة حتى منذ قبل الجائحة.[3] وستزداد هذه الحالة سوءاً في ظل غياب أي استجابة فعلية ومموّلة ومنسّقة جيداً على الصعيد العالمي في قطاع التعليم. يعيش حوالى 85% من اللاجئين في دول ذات دخل منخفض ومتوسّط حيث تعاني أصلاً نظم التعليم لتلبية احتياجات المجتمعات المهمّشة. وتحتاج هذه الدول إلى تدخّل المجتمع الدولي ودعمه من خلال تأمين المزيد من صناديق التمويل، فتعليم الأطفال اللاجئين يجب أن يكون مسؤولية عالمية مشتركة تقع على عاتق الجميع.

وتجدر الإشارة إلى أن عودة الأطفال اللاجئين إلى المدارس بعد أن تفتح أبوابها من جديد هي أقل احتمالاً من عودة غيرهم من الأطفال، بما أن عدداً كبيراً من عائلات اللاجئين لم يعد بمقدورها تحمّل تكاليف الرسوم والزي والكتب المدرسية بسبب زيادة نسبة الفقر عقب الجائحة. كذلك، إن فرص وصولهم إلى شبكة الانترنت والأجهزة التكنولوجية الضرورية من أجل متابعة التعلم عن بعد هي أقل احتمالاً من غيرهم.

لكن الأطفال اللاجئين بحاجة ماسة إلى التعليم الآمن والعالي الجودة والشامل، إنه ركيزة أساسية من التعافي والقدرة على التحمل والتنمية الطويلة المدى. ودائماً ما يضع الأطفال وأسرهم التعليم في أعلى سلّم الأولويات.

العمل جنباً إلى جنب لتحسين تعليم اللاجئين

لا تألو المؤسسات التعليمية والقطاع الخاص والمؤسسات المتعددة الجنسيات والمؤسسات الخيرية جهداً في تطبيق مقاربات ابتكارية لتعليم الأطفال اللاجئين في ظل جائحة فيروس كورونا، غير أن جهود التمويل ما زالت حتى الساعة تفتقر إلى معايير التنسيق. فالدروس وأفضل الممارسات في جوانب هذا القطاع كافة لم تتم مشاركتها بشكل فعال.

ولهذا السبب تعاونت منظماتنا مع مؤسسة التعليم لا ينتظر ECW والبنك الدولي من أجل استضافة فعالية افتراضية تضم أبرز الشخصيات حول طاولة مستديرة من أجل مناقشة التجارب الأساسية والدروس المستخلصة والممارسات الواعدة التي برزت في هذه الفترة. وننشر اليوم وثيقة المخرجات التي انبثقت عن كل ما استخلصناه.

ما الذي استخلصناه؟

اشتملت المناقشات على حاجة الجهات المانحة إلى زيادة التمويل في قطاع التعليم في أسرع وقت ممكن مع التركيز على مفهوم المساءلة المهنية. وعلمنا كيف أن الطريقة «العادية» لتقديم التعليم إلى اللاجئين، في مراكز التعليم المؤقتة أو في الصفوف، قد انقلبت رأساً على عقب وكيف تعاونت الجهات المانحة مع شركاء من أجل إعادة تخصيص التمويل والاستجابة بسرعة لهذا التغيير الشامل. ومن البديهي أن يؤدي ذلك بنا إلى تقديم التمويل المرن للسماح للمنظمات المحلية بالتصرّف بطريقة مبتكرة وريادية واعتماد مقاربات جديدة والتوسع بها على نطاق أشمل في ما يتعلق بالتعليم عن بعد (على غرار الانترنت أو الراديو أو المواد الورقية) المصممة وفقًا لسياقها..

وقد عززت هذه الجائحة الحاجة إلى صناديق التمويل الجماعي والإجراءات الجماعية كتلك التي تم تقديمها من خلال مؤسسة التعليم لا ينتظر ECW ومنظمة الشراكة العالمية من أجل التعليم والصندوق الإسلامي العالمي للأعمال الخيرية للأطفال.

يتعيّن على أصحاب المصلحة العالميين دعم تقديم التعليم على الصعيدين المحلي والعالمي، بما في ذلك عقد شراكات مع لاجئين في مجالَي تصميم البرامج وتنفيذها. ذلك أن الأطفال اللاجئين وأهلهم والمجتمعات التعليمية التي ينتمون إليها يعلمون تماماً ما هي احتياجاتهم، لذا عندما نشركهم بالقرارات سنحصل على نتائج أكثر فعالية واستدامة على المدى الطويل. وفي هذا الإطار يتعاون صندوق عبد العزيز الغرير لتعليم اللاجئين بالاشتراك مع ديسكفري إديوكيشن، مع منظمات محلية في لبنان لضمان حصول الأطفال اللاجئين والمستضعفين على موارد التعلم عبر الإنترنت والعالية الجودة من أجل استكمال تعليمهم في المدارس الحكومية من دون أي انقطاع في ظل الجائحة.

عن الاضطرابات والفرص المطروحة

بهدف معالجة مسألة حصول الأطفال والشباب اللاجئين على التعليم بشكل فعال، خلال جائحة فيروس كور المستجد وما بعدها، والحرص على دمجهم في النظم التعليمية الوطنية، علينا  فهم ما هي أفضل الخطوات التي نستطيع من خلالها تقديم الدعم للدول المضيفة. وفيما نعيش اليوم زمناً مليئاً بالاضطرابات والتغييرات، شدّد المشاركون في الطاولة المستديرة على أن جائحة فيروس كورونا المستجد تمثّل «اللحظة» التي يجب فيها تطوير مناهج ونظم تعليمية خاصة باللاجئين، تكون شاملة ومرنة بوجه الحالات الطارئة.

وفيما أثبتت مناهج التعلم عن بعد أنها محورية في إشراك بعض من الأطفال والشباب اللاجئين الذين يتم استبعادهم عادةً عن التعليم، تبيّن أن المنصات عبر الانترنت قد تشكّل حاجزاً أيضاً بالنسبة إليهم. في الواقع، يحصل معظم اللاجئين على وصول محدود إلى التكنولوجيا الرقمية وعلى الانترنت والكهرباء بشكل متقطع، كما أن الحواجز الثقافية تستثنيهم من الحصول على الحلول التعليمية على الانترنت. وتقدّر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن معدّل الارتباط بشبكة الإنترنت لدى مجموعات اللاجئين يبلغ أقل من نصف المعدّل السائد لدى غير اللاجئين.

قد يؤدي فيروس كورونا إلى أكبر انتكاسة في تقدّم التعليم في التاريخ الحديث، لذلك تقع على عاتقنا مسؤولية تغيير المقاربة التي نعتمدها إزاء تعليم اللاجئين بما يصب في مصلحتهم. وعلينا أن نستفيد من أفضل المقاربات التي لدينا اليوم لنبني على أساسها مقاربات جديدة ومستدامة من شأنها أن تناسب مستقبلاً مجهولاً وغير واضح المعالم. وإننا من خلال تحويل نظم التعليم إلى نظم شاملة ومرنة بوجه الحالات الطارئة نستطيع أن نفي بوعودنا إلى اللاجئين والأطفال أجمعين في السنوات المقبلة.

[1] OCHA/FTS, 2020. COVID-19 Global Humanitarian Response Plan, https://fts.unocha.org/appeals/952/global-clusters Accessed 1 Dec 2020.

[2] UNESCO, 2020. Global monitoring of school closures caused by COVID-19. (accessed 4 November 2020). https://en.unesco.org/covid19/educationresponse

[3] UNHCR, 2020. Coming Together for Refugee Education.