حياة
يُجبر مخيم اللاجئين الأطفال على أن يكبروا بسرعة كبيرة. عندما وصلتُ قبل نحو عشر سنوات، غمرني شعورٌ بالضياع والحسرة. كانت الحياة صعبة بشكل لا يمكن تصوُّره، ولن أنسى أبداً يومنا الأول – ونحن ننصُب خيمة ولم نحصل إلا على الأساسيات: فرش وبطانيات وبعض مستلزمات المطبخ الأساسية. مع مرور الوقت، تحسّنت الظروف مع وجود الكرفانات والماء والكهرباء، لكن والديّ، رغبةً منهما بحمايتي، نادراً ما كانا يسمحان لي بمغادرة المنزل باستثناء ذهابي إلى المدرسة. قبل عامين، شجّعتني صديقة لي على الانضمام إلى برنامج “مكاني”، وشاركَتْني تجربتها فيه وكم ساعدها البرنامج. فأقنعتُ والديّ بالسماح لي بتجربته – وقد غيّر هذا القرار حياتي.
منحني برنامج “مكاني” وصندوق عبد العزيز الغرير لتعليم اللاجئين شيئاً ثميناً: فرصة أن أكون طفلة مرة أخرى. لأول مرة، شعرتُ أنني أستعيد جزءاً من طفولتي التي فقدتُّها عندما أصبحتُ لاجئة. لقد حوّلتني هذه الفرص إلى الفتاة الواثقة والقديرة التي أنا عليها اليوم. في مركز “مكاني”، نتعلّم ولكننا أيضاً نستمتع بالأنشطة الترفيهية. لأول مرة منذ سنوات، تمكّنتُ من اللعب، ولن أنسى أبداً متعة الركض في ملعب كرة القدم مع باقي الفتيات. لقد ألهمني ذلك للاستفادة الكاملة من كل ما يقدّمه برنامج “مكاني” – الفنون، والحرف اليدوية، وكرة القدم، والكرة الطائرة. كان وجود مساحة آمنة للّعب دون خوف من الانتقاد أمراً استثنائياً. كما كانت مشاركتي في فريق رياضي لأول مرة تجربة تمكينية، فقد ساعدتني على بناء الثقة وتكوين صداقات جديدة.

زوّدتني دروس الحماية في “مكاني” بمهارات حياتية أساسية، كالتعامل مع التحرّش والتنمّر، وعلّمتني كيفية التعبير عن مشاعري والدفاع عن نفسي وعن الآخرين. ومن بين أنشطتي المفضّلة دورة الكمبيوتر – إذا أصبحتْ نافذة على العالم، ممّا ساعدني على الحُلم بما يتجاوز حدود المخيم.
لقد غيّرني برنامج “مكاني”. أنا الآن مختلفة تماماً عمّا كنتُ عليه قبل عامين. أصبحتُ أكثر ذكاءً، وأكثر ثقة بنفسي، ومن الأوائل في صفّي. والدايّ فخوران بي ويثقان بي أكثر بفضل النضوج الذي وصلتُ إليه. إنهم يرونني الآن كفؤة وقوية، وفتاة قادرة على حماية نفسها. لم أنجح مجرّد نجاح في الصف التاسع، بل تفوقتُ فيه أيضاً. فقد كنتُ من بين أعلى المتفوّقين في مدرستي، حيث حصلتُ على معدل 97.6%. هدفي أن أصبح أول فرد في عائلتي يتخرّج. أحلم بالالتحاق بالجامعة لدراسة الصحافة لأني أريد أن أكون صوتاً للآخرين. هذا المخيم مليءٌ بأشخاص يتمتعون بمواهب ومهارات مذهلة، لكنهم يفتقرون إلى فرص التألُّق. أريد أن أروي قصصهم، وأسلّط الضوء على إمكاناتهم، وأضمن ألا تذهب قدراتهم سدىً. برنامج “مكاني” يعني لي كل شيء، فلولاه، لما وصلتُ إلى ما أنا عليه الآن.”