دكتورة سونيا بن جعفر – 20 يونيو 2020
يمثل اليوم العالمي للاجئين هذا العام مناسبة لتذكيرنا، بصفتنا أفراد في مجتمع عالمي جماعي، بضرورة اتخاذ قرار بأن لكل شخص على هذا الكوكب مجموعة من الحقوق الأساسية – حتى أولئك الأفراد الذين أجبروا على الفرار من وطنهم لأن هذه الحقوق قد تم تهديدها بشكل مباشر.
خلقت جائحة فيروس كورونا ظروفًا أضرّت على المدى الطويل بفرص العيش الكريم لـ 26 مليون لاجئ حول العالم. بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يعتبر اللاجئون والنازحون في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من بين أكثر الجماعات تضررًا. إذ تم الإضرار بالتقدم الصغير الذي كُنا قد أحرزناه في أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بسبب أزمات متعددة. الآن، وأكثر من أي وقت مضى، نحتاج إلى العمل بشكل مشترك يتجاوز القطاعات والبلدان لدعم اللاجئين لصالح المنطقة.
غيّرت الأشهر القليلة الماضية الحوار الدولي والإقليمي والمحلي حول كيفية معالجة الوباء، الذي زاد من حدة أزمة اللاجئين والمجتمعات المضيفة. في قلب كل قضية يكمُن حق الفرد في الحصول على تعليمٍ جيد. بحسب مجموعة العشرين للمجتمع المدني، وهو جزء من المنتدى الدولي لـ 19 دولة بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، يبدو الحصول على تعليم جيد أمر ضروري لتمكين الناس وتعزيز القدرات البشرية. إنها الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها تأمين مجتمعات شاملة ومزدهرة وسلمية.
لحسن الحظ، نشهد الآن تعزيز العمل التعاوني. في الشهر الماضي، جمعت منظمة مجتمع جميل، وهي منظمة غير ربحية تدير مجموعة واسعة من البرامج الاجتماعية، ولجنة الإنقاذ الدولية، وهي منظمة إنسانية عالمية غير حكومية، مجموعة من القادة المؤثرين المهتمين في المنطقة ممّن يعملون في أنشطة موجهة لدعم اللاجئين في العالم العربي. حيث ضمن قادة من أمثال معالي عبد العزيز الغرير، الذي يضمن تمويله صندوق تعليم اللاجئين تعليم أكثر من 17,500 شاب معرض للخطر في الأردن ولبنان والإمارات العربية المتحدة حتى يتمكنوا من الانتقال بنجاح ليصبحوا أشخاص بالغين مكتفين ذاتيًا.
في الواقع، كان للأطفال والشباب اللاجئين فرص متدنية للغاية في الوصول إلى التعليم في المنطقة العربية. بحسب اليونيسف، أدى النزاع السوري إلى تفاقم تحدي التعليم في المنطقة بشدة، مما أسفر عن تسرّب أكثر من مليوني طفل وشاب من المدارس داخل سوريا وفي البلدان المجاورة. في الأردن ولبنان، تحصل نسبة ضئيلة من الشباب على التعليم الثانوي، وجزء صغير من الشباب في سن التعليم ما بعد الثانوي، قادرون على مواصلة تعليمهم. في تقرير من العام 2019 من فترة ما قبل الوباء، هناك بالفعل أدلة على أن استمرارية التعليم الثانوي معرضة للإنهيار، مما ينهي أمل هؤلاء الشباب العرب في الحصول على التعليم العالي.
لكن اللاجئين ليسوا مجرد أرقام، إنهم أناس بطموحات وأهداف حقيقية. هناك حاجة لإعادة الثقة بالنفس للوصول إلى إمكاناتهم وقدراتهم وتزويدهم بمسار ما باستخدام التعليم للوصول إلى مستوى معيشة مرتفع حتى يتمكنوا من المساهمة بشكل منتج في مجتمعاتهم الأوسع. هذا ما قالته لي جيدًا لين جرادي، اللاجئة الفلسطينية التي تعيش في لبنان، “أعتقد أن التعليم أحد اللبنات الأساسية لأي مجتمع للمضي قُدُما. اهتز مجتمعنا بسبب الحرب وعدم الاستقرار والتوتر. نحن بحاجة إلى التعليم حتى نتمكن من المضي قُدما. لا يتعلق الأمر بالتخرج والحصول على شهادة فحسب؛ يشكّل التعليم شخصيتنا وكينونتنا. يحتاج اللاجئون إلى ذلك ليفتح الأبواب لهم، ويحتاجون للخروج من عقلية تفترض عدم قدرتهم على الإنجاز، وأنه ليس في إمكانهم تحقيق أهدافهم، فقط لأنهم وصفوا بأنهم لاجئين.”
تواصل السيدة جرادي تسليط الضوء على دور أولئك الذين يقدمون مواردهم للمساعدة ومنح قوة العطاء. قالت أن المُحسن الداعم لصندوق تعليم اللاجئين، معالي عبد العزيز الغرير “علمني معنى قوة العطاء.”
وأضافت “أود في يوم من الأيام أن أتمكن من تمرير ذلك للآخرين، لمنح الأشخاص المحرومين هبة التعليم.”
من المهم بالنسبة للجهات الخيرية، والجهات الفاعلة في القطاعين العام والخاص، والمانحين، والمنظمات غير الحكومية تعزيز قنوات التعاون لدعم تعليم اللاجئين في العالم العربي. يتطلب العمل المشترك مع مجتمعات اللاجئين لتحقيق نتائج إيجابية لكسب العيش مشاركة عميقة لوجود احتياجات ماسّة أخرى تحتاج أيضًا إلى الاهتمام مثل الصحة والمياه والصرف الصحي. وهذا ما يجعل التعاون متعدد القطاعات أمر حيوي لأي حل. يمكن أن يكون للاحتياجات التعليمية تأثير ضار بذات القدر إذا ما تُركت دون معالجة لأنه، كما هو موضح من خلال “التعليم لا ينتظر“، فإن لـ “التأثير التراكمي” لانقطاع التعليم بسبب الاستجابة لوباء فيروس كورونا آثار طويلة المدى وكبيرة بالنسبة للأشخاص الأكثر عرضة للخطر.
بالنسبة لأولئك الذين يعملون بشكلٍ مباشر مع اللاجئين مثل ملك النمر، رئيسة ومؤسسة مشروع توحيد شبيبة لبنان، “ليس هناك مخرج من مخيم اللاجئين غير التعليم”. تعتبر هذه الشراكات المهمة ما يوفر الفرص لأفراد من أمثال علي عبد الهادي، الذي يدرس تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا، على أمل تحسين تكنولوجيا علم الفلك. يشرح علي كيف مثّل تعليمه طريقًا لتحقيق حلم امتلاك هويته الخاصة. قال، “أنا فخور بما أنا عليه، لكنني لا أحب أن يتم تصنيفي. في أحد الأيام سيقولون “المخترع علي”، وسأكون بذلك معروفًا بإنجازاتي، وليس بصفتي [لاجئًا]”.
تفاقم الفجوة الرقمية المتزايدة والفقر صعوبة وصول هؤلاء الشباب العرب بسهولة إلى فرص التعليم عبر الإنترنت. من المهم أن يكون لدينا مناسبات تذكرنا بأهمية التركيز على اللاجئين والنازحين مثل يوم اللاجئ العالمي، خاصة بالنسبة للأشخاص المحظوظين الذين لم يصبحوا لاجئين أنفسهم.
إنهم محظوظين لأن حياتهم ليست قصصًا تُعرّف بخسارة المنزل والانتماء. أولئك الذين لا يمتلكون قصص معقدة عن الشعور بالذنب والامتنان، الموت والنجاة، والخسارة والفرص التي يحتاجون إلى مشاركتها وكشفها في كتب مثل نحن نازحون، لملالا يوسفزي حتى يتمكن بقية العالم من الفهم، وربما التعاطف بما فيه الكفاية للعمل لصالحهم.
بالنسبة لـ 26 مليون لاجئ، يعتبر يوم اللاجئ واقع مُعاش كل يوم. لذلك يجسّد العمل معًا من أجل إيجاد حلول أفضل الطرق للمضي قُدما في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لأن “كل واحد منا يمكن أن يحدث فرقًا. وكل عمل مهم.”
سونيا بن جعفر، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة عبد الله الغرير للتعليم.