ما هو صندوق عبد العزيز الغرير لتعليم اللاجئين؟
يمنح التعليم اللاجئين الشباب الفرصة الأفضل لتحسين مستواهم المعيشي وتعزيز رفاهيتهم في مجتمعاتهم. لكن الواقع المؤسف هو أنّ استكمال التعليم يُعتبر من الكماليات وليس في متناول معظم الأطفال والشباب. وعليه، نحن نواجه اليوم خطر خسارة جيل شاب بأكمله لفرصة مستقبل أفضل جرّاء عدم حصوله على الفرص التعلّيمية بشكل كافٍ.
وبعد الاطّلاع على هذا الواقع، قام معالي عبد العزيز الغرير، رجل الأعمال الإماراتي المعطاء، بإنشاء صندوق ممول من قبله شخصياً في عام 2018 بقيمة 120 مليون درهم إماراتي (32.6 مليون دولار أمريكي) لدعم 20,000 لاجئ للحصول على التعليم الثانوي والمهني والعالي. ويدعم الصندوق، الذي تمتد مبادراته على ثلاث سنوات، برامج تعليمية ذات أثر عالٍ في الأردن ولبنان. حيث يوفر الصندوق أيضاً الدعم للأطفال العرب المتأثرين بالحروب والكوارث في بلادنهم، والذين يقيمون مؤقتاً في دولة الإمارات العربية المتحدة.
إنّ قرار معالي عبد العزيز الغرير بدعم تعليم اللاجئين يقوم على الإحصائيات التي دقت ناقوس الخطر وأظهرت تزايد الفجوات والتحدّيات التي يواجهها هؤلاء الشباب. فحوالي ثلاثة ملايين لاجئ سوري انتقلوا إلى الأردن ولبنان هرباً من الحرب في بلادهم، بالإضافة إلى اللاجئين الفلسطينيين الذين يصل عددهم تقريباً إلى 2.2 مليون (في الأردن) و450,000 (في لبنان) والذين يعيشون في هذين البلدين منذ عشرات السنين (الأونروا 2019)، علماً بأنّ الأطفال والشباب يشكّلون أكثر من نصف عدد اللاجئين السوريين. ومنذ بدء الصراع في سوريا، بقيت نسبة إكمال اللاجئين لدراستهم الثانوية متدنية للغاية، حيث بلغت 1.4% في لبنان و4.8% في الأردن (المسارات إلى التعليم وما بعده للشباب اللاجئين في الأردن ولبنان، مؤسسة عبد الله الغرير للتعليم).أيضاً،ّ حوالي 45% من اللاجئين في لبنان والأردن الذين هم في سنّ الدراسة وعددهم 657,000 غير ملتحقين بالتعليم (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين 2020)، مع العلم بأنّ الأغلبية الساحقة لهؤلاء اللاجئين هم في مستوى الدراسة الثانوية (مؤسسة حقوق الأطفال 2018). كما أنّ نسبة التحاق اللاجئين السوريين في مرحلة ما بعد الدراسة الثانوية متدنية للغاية؛ حيث تصل نسبة الملتحقين بالتعليم المهني إلى 1.6% في حين لا يتعدّى الملتحقون بالتعليم العالي نسبة 5% (المسارات إلى التعليم وما بعده للشباب اللاجئين في الأردن ولبنان، مؤسسة عبد الله الغرير للتعليم).
هذا وتتولّى مؤسسة عبد الله الغرير للتعليم إدارة صندوق عبد العزيز الغرير لتعليم اللاجئين. ويقدّم الصندوق منحاً، حيث أن عملية الاختيار تنافسية ضمن المؤسسات التي تعمل مباشرةً مع الأطفال والشباب اللاجئين والمتأثرين بالنزاعات في الإمارات العربية المتحدة ولبنان والأردن. ولقد اعتمد الصندوق نهجاً قائماً على الأثر، ويعمل على أسس العمل التشاركي، حيث يعمل بشكل وثيق على بناء قدرات الشركاء استناداً إلى الاحتياجات الناشئة على أرض الواقع.
ما يقارب 45% من أصل 657,000 لاجئ في سن المدرسة متسربين من الدراسة (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين 2020)، مع العلم بأنّ الأغلبية الساحقة لهؤلاء اللاجئين هم في مستوى الدراسة الثانوية (مؤسسة حقوق الأطفال 2018). حيث أنهى أقل من 5% من اللاجئين السوريين التعليم الثانوي (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين 2018). كما أنّ نسبة التحاق اللاجئين السوريين في التعليم المهني في كلا البلدين تصل إلى 1.6%، ونسبة الالتحاق بالتعليم العالي لا تتعدّى 5%.
تقوم مؤسسة عبد الله الغرير للتعليم بإدارة الصندوق، حيث يتم تقديم المنح لدعم برامج التعليم التي تعالج فجوة تعليمية حادة وموجهة نحو التأثير وقابلة للتطوير في مراحل التعليم الثانوي والمهني والعالي. من المهم معالجة هذه التحديات لأن التعليم عنصر هام في حياة اللاجئ.
إنه يخلق بيئة آمنة وسط الاضطراب، ويوفر فرصاً لكسب الرزق، ويزودهم بالمهارات والمعرفة اللازمة لتمكينهم من تخطيط مساراتهم، وبذلك يمكنهم من المساهمة بشكل إيجابي في البلد المضيف. في حين أن الحاجة إلى دعم جميع مستويات تعليم اللاجئين أمر بالغ الأهمية، إلا أن الأبحاث أظهرت أنه في أوقات الأزمات، يتم نسيان دعم التعليم الثانوي والمهني والعالي.
يعتمد صندوق عبد العزيز الغرير لتعليم اللاجئين نهجاً يستند إلى العطاء ويركّز على النتائج، كما يقدّر نموذج العمل التشاركي. ويحرص الصندوق على أن تكون كافة المشاريع الذي يتم تنفيذها قائمة على إحداث أثر وأن تركز على أهمية جمع البيانات وتقييمها من أجل النظر في الحلول على نحو متواصل ومواجهة التحدّيات بمرونة وسلاسة. هذا وقد ساعدنا مفهوم المساءلة المهنية الراسخ في شراكاتنا الحقيقية والجديرة بالثقة في الحرص على التركيز دائماً على احتياجات الفئات المهمشة. نحن نصغي إلى شركائنا ونتعلّم منهم ونتعاون معهم، وهم بدورهم يصغون إلينا ويتعاملون معنا بصراحة وانفتاح. إنّ شراكاتنا مبنية على الثقة والشفافية والقيم المشتركة.
ويقدّم الصندوق المنح من خلال عملية اختيار تنافسية تقوم على أسس الجدارة والاستحقاق في المؤسسات التي تعمل مباشرةً مع الأطفال والشباب اللاجئين والمتأثرين بالنزاعات في الإمارات العربية المتحدة ولبنان والأردن. وبدأ تنفيذ المجموعة الأولى من المنح للمؤسسات الشريكة في الأردن ولبنان والإمارات في سبتمبر 2018، واستلم الصندوق في إطار مجموعته الثانية أكثر من 65 مقترحاً، وتمّ اختيار ثمانية منها، حيث أعلن معاليه عن هاتين المجموعتين خلال حفل استضافته بدولة الإمارات العربية المتحدة في سبتمبر 2019.
مجالات تركيزنا
يدعم صندوق عبد العزيز الغرير لتعليم اللاجئين برامج التعليم ذات التأثير العالي في مستويات التعليم الثانوي والمهني والعالي للاجئين الشباب في الأردن ولبنان. كما يدعم الصندوق الأطفال العرب المتأثرين بالحروب والكوارث في بلدانهم والذين يقيمون مؤقتاً في دولة الإمارات العربية المتحدة. ويوفر الصندوق الدعم للاجئين السوريين والفلسطينيين والشباب المهمشين في المجتمعات المضيفة المتراوحة أعمارهم بين 12 و30 عاماً.
التعليم الثانوي
التركيز على الطلّاب اللاجئين والمهمشين في مرحلة التعليم الثانوي، وكذلك المعرّضين لخطر التوقف عن الدراسة إلى حدّ كبير كي يعودوا إلى المدارس ويلتحقوا بالتعليم النظامي من جديد. نعمل مع الطلاب من الصف الثامن حتى الثاني عشر لنضمن بقائهم في المدارس وإكمالهم التعليم النظامي.
التعليم المهني
منح الشباب اللاجئين والمهمشين فرص الوصول إلى مساقات التأهيل المهني المعتمدة في الاختصاصات المطلوبة في سوق العمل. ويلي ذلك برامج التدريب أو دورات التدريب المهني أو التوظيف أو المهارات اللغوية أو مهارات الاستعداد للعمل.
التعليم العالي
منح الشباب اللاجئين والمهمشين فرص الحصول على درجات تقنية أو شهادات دراسات عليا (سواء عبر الانترنت أو عبر التعليم المدمج) لتفتح لهم أبواب التوظيف. تُعطى الأولوية للشهادات التقنية ذات التكاليف المتدنية المقترنة بالاستشارات الوظيفية، وبرامج التدريب ودورات التدريب المهني والتوظيف والمهارات اللغوية ومهارات الاستعداد للعمل.
تُعتبر أزمة اللاجئين أحد أهم وأشد التحدّيات التي نواجهها في عصرنا اليوم. ففي عالمنا العربي، كان أكثر من 10 ملايين شخص يعيشون بعيداً عن منازلهم طوال سنوات أو عقود عديدة، وكان نصفهم تقريباً من الأطفال والشباب. إنّهم شباب أُجبروا على ترك مقاعد الدراسة (اليونيسيف، 2020)، وهم يستحقون فرصة لمستقبل وغد أفضل.
إنّ ثقافة العطاء هي تخليد للإرث الحي لمؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيّب الله ثراه، وقد حظيت هذه الثقافة بدعم من قيادة دولتنا الحكيمة والملهمة وعطائها. لذلك، قررتُ في العام 2018 بتأسيس صندوق عبد العزيز الغرير لتعليم اللاجئين بعدما ألهمني المثال الذي أرساه مؤسس دولتنا وإيماناً مني بأنّه ينبغي على المعطائين من القطاع الخاص أن يكونوا قادرين على ترك بصمة أكبر وأكثر استراتيجية عندما يمدّون يد العون للآخرين. ويدعم الصندوق برامج التعليم ذات التأثير العالي في مستويات التعليم الثانوي والمهني والعليا للاجئين الشباب في الأردن ولبنان. كما سيوفر الصندوق الدعم للأطفال العرب المتأثرين بالحروب والكوارث في بلدانهم والذين يقيمون مؤقتاً في دولة الإمارات العربية المتحدة وغير القادرين على تحمل الرسوم المدرسية. لقد أنشأتُ هذا الصندوق للتأكيد رسمياً على التزامي بمساعدة أكبر عدد ممكن من اللاجئين الشباب لكي يتمكنوا من الحصول على التعليم المناسب وإكمال تعليمهم، بحيث أن يكونوا قادرين على العمل على بناء مستقبل أفضل لأنفسهم ومجتمعاتهم ومنطقتنا العربية ككل.
أصبح الصندوق في عامه الثالث، ويسرّني أن أطلعكم على أنّ نهجنا التعاوني الاستراتيجي مع عشر شركاء رئيسيين قد أثمر عن دعم أكثر من 17,500 طفل وشاب لغاية يومنا الحاضر. كما تعلّمنا دروساً عديدة منذ إنشاء هذا الصندوق؛ وبفضل شراكاتنا وعلاقاتنا التعاونية أصبحنا قادرين على إحداث أثر أكبر وأفضل في مجتمعنا ومنطقتنا. ولقد استطعنا معاً دعم البرامج التعليمية المبتكرة التي لبّت الاحتياجات على أرض الواقع، حيث منحنا هؤلاء الشباب الذين أبدوا قدرة كبيرة على الصمود فرصاً لمتابعة مسارات تعليمية مجدية ستساهم في تحسين مستواهم المعيشي.
إنّ التعليم هو السبيل للأطفال والشباب لتحقيق نموهم الفكري وبناء شخصياتهم، ومنحهم الأمل ليصبحوا أفراداً منتجين يعتمدون على أنفسهم في مجتمعاتهم. ويجب علينا من موقعنا كمعطائين ومعلّمين أن نعمل على تمكين هذه الفئات كي تتمكّن من إيجاد المسارات المناسبة للارتقاء بمستواها المعيشي. وعندما أنظر إلى هذا العمل الهام، لا يسعني إلّا أن أفكر في جميع الشباب الذين يستحقون فرصة لبناء حياة وغد أفضل. ويجسّد طلابنا هذه الروح، مثل منير السيروان وهو طالب سوري في المرحلة الجامعية الأولى في الجامعة الأمريكية للعلوم والتكنولوجيا في بيروت، وقد قال في هذا السياق: “يحتاج كل إنسان إلى التعلّم من أجل البقاء أولاً ثم من أجل تطوير نفسه وردّ العرفان إلى المجتمع. وبالنسبة إلي، التعلّم والتنفّس وجهان لعملة واحدة، فلولا وصولي إلى التعليم لما أصبحت ما أنا عليه اليوم، شخصاً قادراً على ردّ الجميل للمجتمع”.
أمّا في الوقت الحاضر، وفي ظلّ جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) التي تهدد اللاجئين الذين يعيشون في المخيّمات المكتظة والمجتمعات المضيفة الحاشدة حيث التعليم عبر الانترنت ليس متاحاً حتى الآن، فعلينا أن نبذل جهوداً أكبر وأفضل لإيجاد الحلول المناسبة. يستحق هؤلاء الشباب أن ينالوا فرصة لإكمال تعليمهم والتطلّع إلى غد أكثر أملاً وإشراقاً.
“إنّ التعليم هو السبيل للأطفال والشباب لتحقيق نموهم الفكري وبناء شخصياتهم، ومنحهم الأمل ليصبحوا أفراداً منتجين يعتمدون على أنفسهم في مجتمعاتهم. ويجب علينا من موقعنا كمعطائين ومعلّمين أن نعمل على تمكين هذه الفئات كي تتمكّن من إيجاد المسارات المناسبة للارتقاء بمستواها المعيشي.”