عبد الكريم السلطان

نشأ عبد الكريم السلطان، الشاب البالغ من العمر 21 عاماً، في ظلّ مواجهة ظروف النزوح الصعبة. واضطرّت عائلته، التي تنحدر من ريف إدلب السوري، إلى الفرار خلال الأزمة السورية عام 2011. وواجهت العائلة صعوبات نفسية ومالية هائلة في تلبية احتياجاتها اليومية. وعلى الرغم من هذه العقبات، كان الدافع الأكبر لعبد الكريم هو إيجاد طريقة لمواصلة تعليمه خلال فترة عيشه في مخيم للاجئين في ظل ظروف قاسية.

بعد أشهر من نزوح العائلة، أُتيحت لعبد الكريم فرصة للتعلّم. لكن سرعان ما تلاشى حماسه عندما اكتشف أن البيئة التعليمية تفتقر إلى الموارد الأساسية، بما في ذلك المعلمين المؤهلين. عزماً منه على تحسين هذا الوضع، عبّر مراراً وتكراراً عن هواجسه للمنظمة التي تُدير المشروع التعليمي في منطقة البقاع. ولكن للأسف، لم تلقَ مساعيه استجابة. ومع مرور الوقت، وجد نفسه غير قادر على فهم حتى أبسط الحروف العربية أو الإنجليزية.

اضطرّت الظروف عبد الكريم للبحث عن عمل لإعالة عائلته. لكن، نظراً لافتقاره إلى المهارات والخبرة المهنية، كانت فرصه محدودة. ومضت الأيام شهوراً حتى أطلقت الجمعية اللبنانية للدراسات والتدريب مشروع “نفعَل”. وبتمويل من صندوق عبد العزيز الغرير لتعليم اللاجئين، قدّمت هذه المبادرة دورات تدريبية مجانية في مهارات الحياة، واللغة الإنجليزية، والزراعة، وتكنولوجيا المعلومات، والعلوم المالية، مع توفير وسائل النقل.

قرّر عبد الكريم في النهاية الالتحاق بالبرنامج. تنامى التزامه وحماسه مع حضوره الجلسات اليومية، مصمّماً على تغيير حياته. ومن خلال البرنامج، اكتسب مهارات واسعة، لا سيما في مجال الزراعة، فقد تعلّم تقنيات مثل التقليم، والتطعيم، وزراعة أنواع مختلفة من الخضراوات، والتعرُّف على الأمراض الفطرية. كما تطوّرت كفاءته في اللغة الإنجليزية والمهارات الحياتية الأساسية، مما مكّنه من الانخراط بثقة في مجتمعه. لقد منحه البرنامج الأدوات اللازمة لإعادة بناء مستقبله.

اليوم، يُعد عبد الكريم مثالاً مشرقاً على الصمود والنمو. لقد تحوّل من شاب مُثقل باليأس والآفاق المحدودة إلى فردٍ ماهرٍ متفائل مُستعد لاغتنام فرص العمل في مجال الزراعة. قصته بمثابة شهادة على قوة التعليم والتدريب في صناعة التغيير، وإثبات على أنه بالإصرار والدعم، يُمكن التغلُّب حتى على أصعب الظروف.